ألوية الناصر صلاح الدين

لم يكن يدرك الشاب المقدسي طارق الكرد أن جلوسه أمام شاشة الحاسوب، وكتابته بعض الكلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ سيؤدي إلى حبسه ودفعه غرامة مالية!

ابن البلدة القديمة اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني مع نهاية شهر ديسمبر 2014م، على خلفية كتاباته عبر الفيسبوك، وأفرج عنه بعد قضائه ستة أشهر ونصف أصدرتها محكمة الاحتلال.

الكرد والذي حُقق معه بمركز المسكوبية يقول: "عرضَ المحقق عليّ أوراقًا مصورة عليّها كلّ شيء قمت بكتابته عبر فيسبوك".

ويضيف "حققوا معي على كل كلمة كتبتها، مع أن ما كتبته لم يكن بالشيء الخطير، ولم أدعُ للتحرك أو الاحتجاج، رغم ما نعانيه من ويلات الاحتلال".

ديمقراطية مزعومة

ويستنكر الكرد الغطرسة الصهيونية والتي وصلت حتى الكتابة والتعليق والمشاركة والإعجاب عبر الفيسبوك، وأصبحت تهمة يحاكمون عليها، متسائلًا في الوقت نفسه "أين حرية الرأي والتعبير؟ وأين ديمقراطية إسرائيل المزعومة؟".

وتضمنت لوائح الاتهام الموجهة للمعتقلين "التحريض ودعم منظمات إرهابية من خلال الفيسبوك، وضبط مواد تضامن مع منظمات إرهابية"، بحسب ادعاء محاكمة الاحتلال.

التهمة الجديدة، التي ابتدعتها محكمة الاحتلال لتكميم أفواه المقدسيين، لم تقتصر على الكرد فقد حكمت على أكثر من عشرة شُبّان مقدسيين بالسجن الفعلي ولفترات تتجاوز السنة، وفق أمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي أسرى القدس.

وعن طبيعة ظهور هذه التهمة، يبين أبو عصب أن الاعتقال على خلفية "كتابات الفيسبوك" تهمة أوجدتها سلطات الاحتلال إثر الهبات الجماهيرية التي جرت بعد استشهاد الطفل المقدسي محمد أبو خضير العام الماضي.

تطويع القوانين

ويوضح أن تلك المساحة التعبيرية عبر الفيسبوك أرقت الاحتلال وشكلت عليه ضغطًا كبيرًا، وهو يسعى جاهدًا للجم أفواه المقدسيين، ومصادرة آرائهم، من خلال هذه الأحكام.

ويبين أن حالة الاعتداء المتكرر من الاحتلال والاقتحامات المتكررة للأقصى والاعتقالات بحق المقدسيين، هي من جعلت شباب القدس يتجه للتعبير عن آرائه في تلك المواقع، بعد فقدانه الكثير من أدوات الفعل.

وأشار إلى أن مصادرة مساحة التعبير تلك؛ هي جزء من الإجراءات الظالمة التي يرتكبها الاحتلال بحق أهالي القدس، لافتًا إلى أن الاحتلال لم يعر أي اهتمام تجاه العشرات من المنشورات التحريضية التي يكتبها اليهود ولم تلق أي مساءلة.

ويضيف "الاحتلال يطوع القوانين ويجري الاستثاءات من أجل إدانة أهالي القدس بتهم لم يرتكبوها، وهي تظهر مدى جوّر الاحتلال وعنصريته البغيضة تجاهنا".

مصادرة الآراء

من جانبه، استنكر مدير مؤسسة ميثاق لحقوق الإنسان فراس الصباح مصادرة الآراء وملاحقتها واتهام كتابها بالتحريض؛ عادًا الأمر بالخطير والذي يمسُ حقًا من الحقوق الإنسانية.

وأوضح الصباح أن ما ينشره شباب القدس لم يحمل في يوم من الأيام تحريضًا على القتل، بل إدلاءً للرأي تجاه قضايا القدس وأحداثها الميدنية في ظل ما تتعرض له المدينة من اعتداءات متكررة.

وأشار إلى أن الاحتلال يهدف من خلال هذه الأحكام إلى ردع المقدسيين وحرمانهم من حقوقهم، مبينًا أن الاحتلال لا يُرجى منه عدل تجاه القدس وأهلها.