ألوية الناصر صلاح الدين

قاوم

عقِدت في مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية الندوة السياسية الدورية بعنوان (القضية الفلسطينية في ضوء التطورات الأخيرة)، والتي حاضر فيها الأستاذ محمد البريم (أبو مجاهد)، الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة (ألوية الناصر صلاح الدين) في قطاع غزة.

وقد حضر الندوة، التي عقِدت برعاية رئيس مركز باحث للدراسات، البروفسور يوسف نصرالله، العديد من الشخصيات الفكرية والسياسية والإعلامية؛ ومن أبرز الحاضرين:

  • المستشار الثقافي الايراني في بيروت، الدكتور محمد مهدي شريعتمدار
  • رئيس حزب الوفاء اللبناني، الأستاذ أحمد علوان
  • الدكتور عبدالملك سكريّة، عضو حملة مقاومة التطبيع مع "إسرائيل"
  • الدكتور مصطفى اللدّاوي، باحث وكاتب فلسطيني
  • الأستاذ منذر فوّاز، مسؤول الأنشطة في لجان العمل في مخيمات لبنان
  • الأستاذ سركيس أبو زيد، باحث وكاتب لبناني
  • الأستاذ فؤاد الحاج، إعلامي وكاتب لبناني
  • الدكتور خالد دغيم، ناشط فلسطيني
  • الأستاذ محمد سمارة، ناشط فلسطيني
  • الأستاذ حسين سعد الدين، ناشط فلسطيني

بعد تعريف من الأستاذ حسن شقير، بدأ المحاضِر كلامه بمقدّمة موجزة قال فيها: 

لا شك أن القضية الفلسطينية تتعرض لهجوم غير مسبوق ومؤامرة كونية تستهدف طمس هذه القضية وهويتها الوطنية ، والقضاء على امتدادها ضمن عمقها العربي والإسلامي ، وعزلها عن محيطها عبر بوّابة التطبيع، والتي تُعدّ إحدى حلقات صفقة القرن الأمريكي ، والتي بدأت بإعلان ترامب قرار نقل السفارة الأمريكية وتنفيذه بتاريخ 14-5-2018 م؛ ومن ثمّ انتقل ترامب  إلى التشكيك بقضية اللاجئين وحقّ العودة عبر مهاجمة وكالة الأونروا ووقف الدعم المقدّم لها، ومحاولة اللعب بالمصطلح (من هو اللاجئ)؛ فوفقاً للمفهوم الأمريكي، بات تعداد اللاجئين الفلسطينيين لا يتجاوز عشرين ألفاً؛ وبالتالي يحقّ لهؤلاء فقط العودة؛ وهذا التوجه يجافي الحقيقة والواقع، ويهدف لإنهاء القضية وثوابتها ورموز مظلوميتها لصالح تثبيت المشروع الصهيوني في أرض فلسطين .

وأضاف: لكن شعبنا الفلسطيني لم يقف مكتوف الأيدي في مواجهة "صفقة القرن"، وهو صعّد في ثورته ومقاومته منذ قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة. وقد شاهدنا كيف خرجت الجماهير في كثير من مناطق الاشتباك والمواجهة مع العدو الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة .

لقد خرجت جماهير شعبنا، وخاصة الشباب منهم ، في مواجهات مفتوحة مع العدو الصهيوني ، وتم تنفيذ عمليات بطولية ( من دعس وطعن ، وإلقاء زجاجات حارقة )، وغيرها، ضد الاحتلال ومستوطنيه. ورغم صعوبة الأوضاع في الضفة المحتلة ، والاعتقالات اليومية التي ينفّذها الاحتلال ضد الشباب المقاوم، في إطار التنسيق الأمني الذي تلتزم السلطة به مع الاحتلال، من خلال يدها الأمنية الباطشة، التي تمنع المقاومة وتكبّلها؛ إلاّ أن شبابنا الفلسطيني في الضفة المحتلة  يدرك جيّداً بأن لا خيار لديه إلاّ المقاومة لمواجهة الاحتلال وإفشال صفقة القرن الأمريكية ، وحماية القدس من التهويد، والمسجد الأقصى من التدنيس.

وحول قطاع غزة المحاصر، قال (أبو مجاهد):

رغم الحصار لم تضعف عزائم شعبنا البطل في قطاع غزة، لقد خرج الجميع منذ إعلان قرار ترامب المشؤوم إلى نقاط التماس والأسلاك الشائكة شرق قطاع غزة ، واشتبكوا مع العدو، وسقط منهم مئات الشهداء والجرحى رفضاً لصفقة ترامب الخبيثة .

لقد تطوّر الفعل  الفلسطيني المقاوم في قطاع غزة ، عبر فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار، التي انطلقت في 30-3-2018م؛ في ذكرى يوم الأرض الفلسطينية ، بمشاركة حشود جماهيرية كبيرة ، من مختلف الفصائل والقوى وجموع أبناء  شعبنا في قطاع غزة .

 

وحول أهداف مسيرات العودة قال (أبو مجاهد) :

  1. إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، على قاعدة حقّ شعبنا في العودة إلى الديار التي هجّر منها بفعل الإرهاب الصهيوني، المدعوم من قوى الاستكبار العالمي، وفي مقدّمتها أمريكا.
  2. تعزيز الارتباط بالأرض وحقّ العودة إليها في نفوس وذاكرة الأجيال الفلسطينية؛ وهذا ما برز جلياً في فعاليات مسيرات العودة وتفاعل الأجيال المتنوّعة معها .
  3. التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية حقوق وثوابت وعودة إلى الديار، وأن كلّ اتفاقيات التسوية باطلة، لأنها تنتقص من حقّنا التاريخي الأصيل والثابت، وأن زوال الاحتلال هو الحتمية لصيرورة الأحداث في نهايتها.
  4. رسالة إلى جماهير الأمّة بأن القضية الفلسطينية تحتاج إلى نصرتكم، فلا تنخدعوا بدعاوى التطبيع والتسوية مع العدو الصهيوني .
  5. تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة المقاومة ومواجهة المحتل والتمسك بالثوابت الوطنية؛ وهذا المسلك هو الطريق الأقصر لتحقيق الوحدة الوطنية؛ والهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة التي تضم كافة الفصائل والشرائح والنقابات الفلسطينية خير دليل على ذلك .

هذا فضلاً عن أهداف مرحلية لمسيرات العودة، وهي:

  1. رفع الحصار الظالم عن أهلنا في قطاع غزة، والذي يستمرّ منذ 12 عاماً على التوالي.
  2. تحسين شروط  تهدئة 2014 برعاية الإخوة المصريين، بعد تنكّر الاحتلال لها .
  3. التخفيف عن شعبنا في قطاع غزة، مع استراحة المحارب لن تطول. ولكن من حقّ شعبنا المحاصر أن يلتقط أنفاسه في خضم الاشتباك المتواصل مع المحتل.
  4. تعزيز الوحدة الميدانية والشراكة في مشروع المقاومة من قِبل كلّ شرائح وفصائل شعبنا.

وفيما يتعلق بالمقاومة، قال (أبو مجاهد):

لقد تمسكت المقاومة بخيارها وفعلها الميداني ضد المحتل، حيث تم تنفيذ العديد من العمليات الفدائية النوعية في مواجهة العدو الصهيوني، ومنها:

  • كمين العَلمَ: الذي نفّذته ألوية الناصر صلاح الدين بتاريخ 17-2-2018م، شرق خانيونس، رداً على الجرائم التي ارتكبها جنود الإحتلال ضد المتظاهرين السلميين شرق قطاع غزة .
  • غرفة العمليات المشتركة: تمّ إنشاء غرفة العمليات المشتركة التي تضم الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة ، والتي أدارت الكثير من المواجهات الميدانية تحت قيادة واحدة. وقد نجحت غرفة العمليات بالتنسيق وتسديد الضربات وفقاً لمنهجية متّفق عليها، وتحكمت ببقعة الزيت بما تراه مناسباً ومحقّقاً للمصلحة العليا لشعبنا وقضيتنا .
  • الكورنيت: سلاح جديد برز بشكل واضح خلال التصعيد الأخير (نوفمبر2018م) على ساحة الفعل المقاوم في قطاع غزة  ، وأعطى إشارات على جدّية المقاومة في رسائلها المشفّرة بالنار؛ وهذا السلاح الرادع كبح جماح التغوّل الصهيوني ضد قطاع غزة  وأسهم في ردع العدو .
  • صواريخ متطورة في قصف عسقلان : شهدت جولات التصعيد الأخيرة إطلاق صواريخ  دقيقة التركيز على أهداف صهيونية في المستوطنات والمدن المحتلة  ، كما حدث في غلاف غزة الذي أصبح مهجوراً من المستوطنين، أو كما حدث في قصف مدينة عسقلان الذي أحالها إلى مدينة أشباح؛ وكانت تل أبيب أقرب لمشهد عسقلان لو استمرّت المعركة.
  • عمليات الضفة النوعية:  برزت عمليات نوعية أكدت بأن روح المقاومة تسري في شعبنا الفلسطيني في ضفة الأحرار والمقاومين ، مثل نموذج الشهيد أشرف نعالوه والشهيد صالح البرغوثي، والذي سيكرّره المئات والألوف في الضفة؛ وسيأتي اليوم الذي تقول فيه الضفة بمدنها الثائرة كلمة الفصل في المعركة مع العدو الصهيوني.

حول المشهد السياسي الفلسطيني، قال (أبو مجاهد):

من المؤسف استمرار الانقسام الفلسطيني، وعدم الوصول إلى رؤية وحدوية وطنية تقود المشروع الوطني الفلسطيني، وبما يؤثّر سلباً على مسار القضية الوطنية عموماً .

 

 

هناك من يفكّر بعقلية إقصائية وينتهج التفرّد في كلّ المؤسسات الفلسطينية، ويدّعي تمثيله للقضية والشعب. وقد شاهدنا ذلك من خلال التفرّد بعقد المجلس الوطني والمجلس المركزي في ظلّ غياب قوى فلسطينية وازنة. وهذا السلوك الإقصائي  وفرضه على الكلّ الفلسطيني مرفوض من قِبلنا.

إن حلّ المجلس التشريعي قرار خطير جداً، ويتعارض مع المادة 47 مكرّر من النظام الأساسي الفلسطيني ، وسيفتح المشهد الفلسطيني على تداعيات خطيرة .

وختم (أبو مجاهد): إن المطلوب وطنيا في هذه المرحلة متابعة المسائل الآتيةً : 

  • إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة والشراكة الفلسطينية في مشروع التحرّر الوطني.
  • رؤية وطنية جامعة على قاعدة المقاومة والمواجهة مع العدو حتى إنهاء الاحتلال .
  • سحب الاعتراف بالكيان الصهيوني فورا.ً
  • وقف التنسيق الأمني وإطلاق يد المقاومة وتعزيزها وإسنادها وحماية ظهرها في الضفة الغربية المحتلة.
  • إصلاح مؤسسات منظمة التحرير وتصحيح مسارها السياسي، وإعادتها الى جذور انطلاقتها لتحرير كامل التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر .
  • إعادة الاعتبار للكتلة البشرية الفلسطينية الأضخم من اللاجئين في الشتات والمنافي وتفعيلها، عبر برامج متنوعة تُسهم في معركة الخلاص من المحتل .
  • تصعيد المقاومة بكافة وسائلها وأدواتها، وفي مقدّمتها الكفاح المسلّح .
  • التواصل مع الأمّة العربية والإسلامية، رسمياً وشعبياً، على مستوى الدول والحكومات والمنظمات والأحزاب، حول ضرورة تحريم التطبيع مع العدو الصهيوني وتجريمه .

ورداً على مداخلات من بعض المشاركين، أجاب (أبو مجاهد)، بإعطاء لمحة موجزة عن نشأة (لجان المقاومة) وجناحها العسكري (ألوية الناصر صلاح الدين)، والتي أسّسها كوادر سابقون من حركة فتح وحماس والجهاد؛ وهي نفذت عمليات نوعية ومؤثّرة منذ مرحلة الانتفاضة الأولى (انتفاضة الأقصى 2000)، في العامين 2001 ، 2002 ، ومنها تدمير دبابة ميركافا-3 للعدو، والتي ألغت صفقات كبيرة أبرمها العدو مع تركيا والصين لشراء هذه الدبابات؛ وأسر جندي صهيوني بالتنسيق مع حماس، في العام 2006.

وقد تطوّر عمل لجان المقاومة عسكرياً وسياسياً وتنظيمياً وإعلامياً وشعبياً، حيث تحافظ اللجان على علاقات جيّدة حالياً مع مختلف الفصائل والقوى المقاومة.

ورفض المحاضِر أي تسوية مع الكيان الغاصب، مستبعداً التصالح بين نهجي المقاومة والتسوية، كونهما خياران متوازيان لا يلتقيان، وداعياً إلى إعادة بناء منظمة التحرير على الأسس التي استندت إليها منذ إنشائها ، بهدف إعادة اللحمة الفلسطينية وتفعيل المقاومة ضد العدو الصهيوني.

وأوضح (أبو مجاهد) أن قبول المساعدات القطرية وغيرها غير مشروط، وأن الشعب الفلسطيني يرفض أية تنازلات سياسية مقابل رفع الحصار عن غزة، والذي يعاني أهله الأمرّين من أجل الحفاظ على خيار المقاومة ضد المحتل الصهيوني، نيابة عن كلّ العرب والمسلمين.

وبالمناسبة، وجّه (أبو مجاهد) الشكر والتقدير الكبير لإيران ولحزب الله على دعمهما اللوجستي والعسكري والمالي لحركات المقاومة وللشعب الفلسطيني عموماً، ومن دون أيّة اشتراطات في أي مرحلة من مراحل الصراع مع العدو الصهيوني.