ألوية الناصر صلاح الدين

الإعلام الجهادي

 

في مثل هذا اليوم قبل أربعة عشر عاما، فقدت فلسطين والأمة العربية والإسلامية، رجلا من أعز الرجال, وأشجعهم, وأكثرهم بأسا وقوة في الحق, رجل سار ثابت الخطى, لا تخطيء بوصلته نحو فلسطين, صادقا في العهد والوعد, حتى مضى إلى لقاء ربه وقد أدى رسالته في نصرة الحق, وقضية شعبه العادلة. 

إنه القائد الهمام , " الشهيد المؤسس أبو يوسف القوقا " الذي رحل عنا قبل نحو 14 عاما, بعد رحلة جهادية وكفاحية عظيمة, قضى فيها سنوات عمره, من اجل فلسطين ومقاومتها الباسلة, و أعاد للبندقية مفهومها الجهادي وانتمائها الإسلامي العريق  والعروبي الأصيل, وقد سطر أروع ملاحم البطولة والفداء, وقد ترك خلفه غرسا عظيما, ليبقى فكره وجهاده حاضرا في وجدان كل فلسطيني أصيل, وكل مقاوم سار على دربه حاملا هم شعبه وقضيته إلى العالم أجمع. 

 

لتأتي ذكراه العطرة هذا العام, متزامنة مع الذكرى السنوية الثانية لمسيرات العودة وكسر الحصار, ويوم الأرض , في ظل ظروف عصيبة تمر على شعبنا الفلسطيني, وقد اشتدت حلقات الحصار وازداد التغول الصهيوني على شعبنا ومقدساته, وذل وخضوع عربي وإسلامي, وتفريط متزايد بقضية فلسطين ومعاناة شعبها المجاهد.
 
وإننا ونحن نعيش في رحاب ذكرى الشهداء, وتضحياتهم, لنستحضر رفاق القائد أبو يوسف القوقا, الذين ساروا إلى ربهم بكل عزم, والذين كانت لهم بصماتهم الخالدة في مقارعة العدو الصهيوني, فكان الشهداء القادة المؤسسين جمال ابو سمهدانة, وإسماعيل أبو القمصان, ومبارك الحسنات, وأبو عوض النيرب, وغيرهم من الشهداء الذين رافقوه في رحلة الجهاد والمقاومة. 

وقد كان الشهيد القائد المؤسس أبو يوسف, علامة بارزة , في تطور العمل المقاوم في قطاع غزة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام حيث حرص الشهيد ابو يوسف واخوانه في قيادة لجان المقاومة, على تطوير أدوات المقاومة  من صواريخ وقاذفات وعبوات لإحداث حالة من توازن الرعب مع العدو .

وكما لفلسطين المكانة الأبرز في فكر ومسيرة القائد الشهيد, فلم يكن ليترك بابا لتعزيز أواصر الوحدة الوطنية, والتكاتف في مواجهة العدو الصهيوني إلا وطرقه, ليقطع الطريق على العدو محاولته بث أي فتنة وفرقة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد, فقد تميزت علاقاته الواسعة مع كافة أطياف الشعب الفلسطيني.

مولده ..

سيرة عطرة العبد يوسف القوقا , ولد في مدينة غزة عام 1962 حيث أتم دراسته الثانوية من مدرسة الكرمل بغزة وحصل على بكالوريوس لغة عربية من كلية الآداب التابعة لجامعة بيروت العربية فرع الإسكندرية.

 وبرز الشيخ أبا يوسف في الانتفاضة الأولى كأحد قياداتها الميدانيين العاملين على الساحة الداخلية وكان من الناشطين في حركة فتح , ماكان له من دور بارز في إشعال جذوتها وزيادة فعالية نشاطاتها الميدانية , حيث كان يعمل كمسئول لمدينة غزة لفترة عامين .  

 وعمد العدو الصهيوني الى مطاردة الشيخ القوقا حتى باتت أعين الصهاينة وعملائهم تلاحقه لمدة ستة شهور مما دعاه للخروج من البلاد عن طريق الحدود عام 1990 و الانتقال إلى جمهورية مصر, وزار أكثر من دولة عربية إلى أن استقر به المقام في الجزائر لحين عودته عام 1994 مع العائدين لأرض الوطن بعد اتفاق أوسلو وقيام سلطة الحكم الذاتي.

 القوقا وأوسلو 

اعتبر الشيخ من أشد الرافضين لاتفاقية أوسلو التي أبرمتها السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني رفضاً قاطعاً على الرغم من انضمامه لجهاز الأمن الوقائي . حيث استمر في عمله الكفاحي والنضالي رافضاً الانصياع لأي أمر أو تنفيذ لأي مهمة أوكلت له حينها, مما أدى لسجنه في سجون سلطة أوسلو مرات عديدة في سجن الأمن الوقائي بغزة.

 انتفاضة الأقصى المباركة

 ومع اشتعال جذوة الانتفاضة الحالية انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000 انطلقت جموع المجاهدين لمواجهة العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى المبارك وكانت انطلاقة لجان المقاومة الشعبية والتي كانت في الطلائع الأولى بضرب العدو الصهيوني ولقد تم تأسيس الجناح العسكري للجان والذي عرف باسم ألوية الناصر صلاح الدين.   

وقد أوكلت القيادة المركزية للجان المقاومة الشعبية إلى الشهيد الشيخ أبو يوسف قيادة الجناح العسكري ’ ألوية الناصر صلاح الدين ’ فأصبح القائد العام له حيث عرف بأن أبو يوسف أكثر ميلا للمقاومة على حساب العمل السياسي وهذا ما يفسر قلة ظهوره الإعلامي  .

 أبو يوسف الرجل العسكري

 مثل العامين الأولين للانتفاضة الفلسطينية ذروة عمل لجان المقاومة الشعبية وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين, عبر أربع عمليات نوعية و متتالية لتفجير الدبابة الصهيونية الشهيرة ’ الميركافاه ’ حيث قتل خلالها عدد كبير من الجنود الصهاينة الأمر الذي وضع قادة الألوية في دائرة الاستهداف الصهيوني المتواصل , وبحسب أحد المقربين للقوقا فان أبو يوسف كان أحد أبرز مهندسي عمليات الميركافاه والشخص الذي أشرف على هذه العمليات المتتالية .  

 مطور ومصنع الصواريخ الأول 

ومع تطور العمل العسكري للمقاومة وصعوبة الاستهداف للدبابات الصهيونية وزيادة التحصينات فقد دخلت الفصائل الفلسطينية في مرحلة تصنيع الصواريخ . وكان للألوية نصيب في هذا المجال عبر تصنيعها لصواريخ الناصر بمراحله الثلاث المختلفة حيث يؤكد قادة الألوية أن أبو يوسف الذي يرغب كثيرا في لبس الزى العسكري كان له الفضل في تصنيع صاروخ’ ناصر ’3’ الذي لم تنفك ألوية الناصر من إطلاقه على والمغتصبات الصهيونية. 

  كما برز أيضاً علاقاته القوية والتنسيق العالي ومواقفه العلنية حيث يشير المقربين إلى أن الأقرب إلى قلبه والشخص الذي جمعته معه مراحل المقاومة خلال الانتفاضة هو عدنان الغول أحد أبرز مهندسي كتائب القسام والذي قتل قبل عامين في قصف صهيوني. حياة المجاهدين الأوائل عاش الشيخ الشهيد أبو يوسف القوقا في بيت متواضع في معسكر الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة .

 و تعرض الشيخ الشهيد أبو يوسف القوقا خلال الانتفاضة لثلاث محاولات اغتيال كادت أن تنال منه بدأت باستهداف سيارته في حي الزيتون شرق مدينة غزة ثم باستهداف منزله مرتين على التوالي من خلال طائرات الاباتشي والزوارق الحربية ونجا من جميعها كما أن اسمه برز في معظم قوائم المطلوبين الفلسطينيين في قطاع غزة . 

وشكلت كل هذه الأحداث والاستهداف الواضح دافعا قويا لدى الشيخ الشهيد أبو يوسف باتخاذ إجراءات أمنية خاصة حيث ضاعفها في الآونة الأخيرة قبيل مع تزايد حملة الاستهداف الصهيونية ضد فرسان عمليات إطلاق الصواريخ والتي تعد الألوية أحد روادها .