ألوية الناصر صلاح الدين

الإعلام الجهادي _ خاص

 

تطل علينا ذكرى عملية جسر الموت النوعية المشتركة بين ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة و سرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى، والتي شكلت العملية ضربة قوية وقاصمة للعدو الصهيوني ولتحصيناته العسكرية، وكانت آخر ضربة تلقاها جنود العدو على يد المقاومة قبل انسحابهم من قطاع غزة.

بدأت فكرة تنفيذ العملية على جسر الموت الرابط بين المغتصبات الصهيونية ووسط قطاع غزة بعد أن ساء أبطال المقاومة الفلسطينية مشهد العذاب الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني على حاجزي المطاحن و أبو هولي بسبب هذا الجسر الذي كان مخصصاً لمرور قوافل جنود الاحتلال و مستوطنيه. 

الشهيد القائد الشيخ جمال أبو سمهدانة " أبو عطايا" برفقة رفيق دربه القائد المجاهد محمد الشيخ خليل قائد سرايا القدس في جنوب قطاع كان لهم قرار يقضى بتوجيه ضربة قاسية للعدو الصهيوني قبل اندحاره عن قطاع غزة لتكون بمثابة الهدية للمغتصبين الصهاينة قبل هروبهم من غزة المقاومة.

رصد ومتابعة للهدف 

إستمرت عملية رصد الهدف و تصويره و رفع التقارير للقيادة لأكثر من شهرين، لأن المنطقة محصنة عسكريا من قبل العدو الصهيوني وكما أن تضاريسها صعبة للغاية و محاطة بالأبراج العسكرية ، لذلك ارتأت القيادة التروي و عدم التسرع في وضع الخطة بشكلها النهائي، و بعد انتهاء فترة الرصد اجتمعت القيادة الثلاثية و أعطت الموافقة على تنفيذ العملية على الجسر.

تم اختيار الاستشهادي يحي أبو طه من سرايا القدس و يسكن في مدينة رفح و الاستشهادي طارق ياسين من كتائب الأقصى و يسكن حي الزيتون جنوب مدينة غزة لتنفيذ المهمة بدقة متناهية، لأن العملية تحتاج للياقة بدنية عالية و سرعة حركة منقطعة النظير.

تدريبات شاقة شارك فيها " أبو عطايا" و" أبو خليل "

 كما تم إعداد مجسم في منطقة تدريب الاستشهاديين شبيه بمنطقة العملية و هو عبارة عن تلة رملية يبلغ ارتفاعها ثمانية أمتار على شكل التلة التي تحد الجسر من الجهة الجنوبية، حيث كان على منفذي العملية صعود التلة و الركض بسرعة لمسافة سبعين مترا في فترة زمنية قصيرة جدا، و تلقى الاستشهاديان تدريبات مكثفة على القنص و الرماية و اقتحام مواكب و سيارات العدو و إطلاق النار عليها لإيقاع أكبر عدد من القتلى بين الجنود و المستوطنين، إلى جانب تدريبات اللياقة البدنية المكثفة صباح مساء و جلسات التثقيف الديني المستمرة.

معنويات عالية وعزائم منتصرة

 جهز القائد الشهيد محمد الشيخ خليل الاستشهاديين وقام بعملية تدريب متواصلة منها الياقة البدنية.

وكانت الروح القتالية العالية و الإصرار و العزيمة لدى الاستشهاديين لتنفيذ مهمة شاقة ومعقدة كعملية جسر الموت.

 قبل الانطلاق للعملية بأربع و عشرين ساعة تم توجيه التعليمات للاستشهاديين بزيادة احتياطاتهم الأمنية وكتابة وصيتهما و توديع أهلهم بنظرات العين فقط حفاظا على السرية، و تم رصد الهدف الرصد الأخير على مدار الساعات الأربع و العشرين.

 وقبل نقطة الصفر تم تأمين منفذي العملية في منطقة سرية، و راجعت القيادة معهما تفاصيل الخطة و نقاطها الحساسة، وتم تزويدهم بأجهزة خلوية للاتصال و متابعة التنفيذ معهم من غرفة العمليات المشتركة.

الإنطلاق نحو ميدان المعركة

 في تمام الساعة العاشرة من مساء السبت 23-7-2005 تحركت السيارة التي كانت تقل الاستشهاديين باتجاه الهدف، و عند الوصول إلى نقطة معينة لا يمكن للأبراج العسكرية ملاحظة المنفذين فيها قفز يحي و طارق من السيارة أثناء سيرها-لم تتوقف السيارة- و تمكنا من اجتياز أصعب مرحلة في العملية و هي الوصول للتلة الرملية و أخذ مواقع آمنة دون أن يشعر بهما أحد.

 كمن الاستشهاديان تحت الجسر لأكثر من ساعتين قبل بدء التنفيذ لأن الأوامر لديهم ألا يتحركوا من كمينهم لأي سبب من الأسباب، و كان الاتصال بينهما و بين الغرفة مستمرا لحظة بلحظة.

إشتباك وحدة الإسناد المشتركة مع القوات الصهيونية

في هذه الأثناء بدأت المرحلة الثانية من العملية و هي قيام وحدة الإسناد المشتركة بإطلاق نيران قنص باتجاه الأبراج العسكرية الصهيونية المحيطة بالجسر لخلق حالة من الإرباك في صفوف الجنود مكنت طارق و يحي من أخذ مواقعهم بشكل أفضل، و انتظار الهدف المخطط له و هو قوافل المستوطنين.

 و أثناء اشتباك وحدة الإسناد مع الأبراج العسكرية أن قوات الاحتلال أغلقت الحاجز أمام المواطنين، و ركز الجنود و التعزيزات التي حضرت للمكان على الاشتباك مع وحدة الإسناد في منطقة بعيدة عن مكان طارق و يحي فكانت منطقة المهمة أكثر أمانا للاستشهاديين. 

بعد الساعة الثانية عشرة انسحبت وحدة الإسناد و بدأت الحركة تعود إلى الجسر بشكل طبيعي، و عند الساعة 12:10 أعطت وحدة الرصد إشارة بأن سيارة مستوطنين ستصل إلى مرمى الاستشهاديان طارق و يحي خلال أربعين ثانية، وهي الفترة الزمنية التي يحتاجها المهاجمان لوصول الجسر، و بالفعل كان التوقيت موفقا، فتزامن وصول السيارة تماما مع وصول الاستشهاديين إلى المنطقة التي ستبدأ منها الرماية و أعطيت التعليمات بالهجوم، فأطلق المجاهدان النار باتجاه السيارة و أرديا من فيها قتلى قبل أن يرجعا إلى الكمين.

حضر للمكان جيب عسكري اشتبك مع يحي و طارق اللذين أكدا أنهما تمكنا من تطهير من بداخله.

بعد ذلك تحركت قافلة مستوطنين باتجاه المكان فتمكن الاستشهاديان منها أيضا بسهولة، و كل هذه الأحداث تمت في غضون ساعة، أطلقت خلالها الدبابات و الطائرات قذائفها و صواريخها في المكان بكثافة، إلى جانب النيران المكثفة من أبراج المراقبة. 

بعد الجولة الأولى تحركت مجموعة الإسناد و أطلقت دفعة جديدة من الصواريخ و الرصاص و قذائف الأر بي جي على مواقع العدو لإعطاء المجاهدين قدرة على المناورة و التحرك.

 

معركة جديدة

بعد ساعتين تقريبا من العمل النوعي انقطع الاتصال بيحيى أبو طه في إشارة إلى ارتقاءه شهيدا، بينما تمكن طارق ياسين من أخذ موقع متقدم يتابع من خلاله تحركات المستوطنين. 

خيم الهدوء على المنطقة و اعتقد جنود العدو الصهيوني أن العملية انتهت، بينما كان طارق يكمن في عرينه، و حضرت سيارة إسعاف صهيونية إلى المنطقة لنقل الجرحى، كان ذلك عند الساعة الخامسة فجرا تقريبا، عندها خرج طارق من عرينه و انقض على سيارة الإسعاف لتبدأ معركة جديدة، فأردى طارق من بسيارة الإسعاف بين قتيل و جريح.

الغريب في الأمر أن الاتصال انقطع مع طارق بعد آخر جملة قالها: أنا الآن في موقع أرى من خلاله المستوطنين و لا يروني" و من ثم أغلق الهاتف النقال لدواعي يبدو أنها أمنية مع أننا كنا على يقين بأنه لم يستشهد بعد، حيث ارتقى بعد الساعة الخامسة من فجر الأحد 23-7-2006، فحصل ما أراد طارق، ألا يكون فريسة سهلة للصهاينة.

العملية حققت نجاحا جيدا و اعترفت القناة العشرة العبرية بسقوط عدد من القتلى صهاينة من بينهم ضابط بحرية، وخمسة جرحى بينهم عامي شكيد مسؤول أمن مستوطنات غوش قطيف. 

وأغلقت قوات الاحتلال الطريق بعد العملية لمدة يومين.

وشكلت العملية النوعية " جسر الموت " رسالة واضحة لقيادة العدو الصهيوني بأن المقاومة ستبقى تكيل لهم الصاع صاعين ولن تتركهم يهربون من غزة إلا تحت ضربات المقاومة حتى لا تراودهم أنفسهم بالعودة مرة أخرى للاستيطان في قطاع غزة .