ألوية الناصر صلاح الدين

الإعلام الجهادي - خاص
 

كم يعجز القلم أن يسطِّر كلمات لتخليد ذكرى رجال أطهار، ومجاهدين أخيار أفتقدناهم على حين غرّة , أبطال أخفياء تركوا بصمات نيّرة وآثارًا عطرة تشهد لهم أنّهم أقدموا حيث أحجم النّاس.

إن هؤلاء العظماء الذين رووا بدمائهم أوطانهم إنما فعلوا ذلك من أجل عزة دينهم، وهم يحملون ألوية النصر والرفعة في جهادهم ضد اليهود نيابة عن الأمة الإسلامية بأسرها .

وها نحن اليوم نستذكر قائداً كان بحق رجلاً بأمة كما كل الرجال العظام الذين آثروا حياة شعبنا وأمتنا , هو الرجل الهادئ الصامت.. ما إن تراه حتى تشعر بفيض من الإيمان ينطلق من وجهه بإبتسامته الهادئة الجميلة وبقلبه الرقيق المؤمن إنه الشهيد الشيخ زهير القيسي " أبو إبراهيم "  رحمه الله.
 

نبذة:

ولد شهيدنا في الأول من يناير عام 1963م في مخيم الشابورة في مدينة رفح ومُنذ صغره إختار أبو إبراهيم طريق المقاومة والجهاد والدعوة إلى الله، وحب الخير للناس، وتمنى الشهادة في سبيل الله , وحين أصبح شاباً يافعا لم يكمل العشرين ربيعا عمل ضمن أول المجموعات في الانتفاضة الأولى.

 

ثم تخرج وعمل مدرسا للرياضيات في مدارس الأونروا ولكن المقاومة التي كانت تشتعل في دمه كانت تتطلب منه المزيد من الوقت فإضطر أخيرا للإستقالة من عمله مضحيا بوظيفة مريحة، لأنه كان ينظر إلى ما أبعد من الوظيفة، كان يبحث بين أنقاض تنظيماتنا العاجزة عن أفق أرحب، كان يبحث عن الشهادة في سبيل الله.

 

تأسيس لجان المقاومة:

في عام 2000 م , إنتفض الشعب الفلسطيني على قيود أوسلو التي شكلت نقطة سوداء في تاريخ مقاومة الشعب الفلسطيني ،  وبعد تدنيس المجرم شارون لباحات المسجد الأقصى كانت الشرارة الأولى لبدء تنفيذ ما كان يحلم به أبطال العزة و الكرامة حراس العقيدة حاملين أرواحهم على أكفهم للدفاع عن وطنهم و مقدساتهم ، حيث  كان واضحا و جليا الحاجة إلى حالة تتبنى النهج المقاوم متحررة من قيود الإلتزامات الدبلوماسية والسياسية , حالة يكون همها الأول الإبقاء على حالة الإشتباك المستمر مع العدو الصهيوني و إيقاع الأذى به  و تكبيده الخسائر و حرمانه الشعور بالسيطرة والراحة و هو يستبيح  الأرض و المقدسات.

 

وبرز من بين هؤلاء ثلة من الرجال المؤمنين بأن قضية فلسطين لا يمكن لها أن تحل بواسطة السياسة و الطاولات المستديرة ، فكان ميلاد لجان المقاومة و ذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين, بعد مخاض واجه شعبنا تمثل في الحاجة لنهج يقف ندا لممارسات الإحتلال.

وكان الشيخ زهير القيسي "أبو إبراهيم" من بين هؤلاء الرجال إلى جانب شقيقه في الجهاد ومسيرة الكفاح الشهيد القائد: جمال أبو سمهدانة "أبو عطايا" و الشهيد القائد: كمال النيرب "أبو عوض" والشهيد القائد: أبو يوسف القوقا والشهيد القائد عماد حماد وعدد ممن قضوا نحبهم وربحوا البيع و تركوا الدنيا خلفهم ونالوا مرضاة الله عز وجل نحسبهم عند الله من الشهداء.

  وسرعان ما أصبح إسم  لجان المقاومة و ذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين من أهم الأذرع العسكرية في القطاع، بعدما شرعت وحدة التصنيع التابعة لألوية الناصر صلاح الدين  في تطوير قذائف الهاون لتصبح أكثر قوة وأبعد مدى.
كما طورت ألوية الناصر عبوات ناسفة ذات قوة تدميرية كبيرة إستطاعت بفضلها عام 2001 تدمير أول دبابة صهيونية من طراز "ميركافاه سيمان 3" التي كانت آنذاك تعتبر الأكثر تطوراً وتصفيحاً في العالم. ثم توالى تدمير الدبابات، إذ دمر مجاهدي الألوية  دبابتين في السنوات التالية، ونفذوا عدداً من العمليات الفدائية النوعية، من بينها أول عملية إقتحام لمغتصبة جاثمة على أرضنا في القطاع وهي مغتصبة كفار داروم وقتل جنود ومستوطنين.

 

أبو إبراهيم وأبو عطايا :

كانت للشيخ الشهيد زهير القيسي "أبو إبراهيم" كلمات قوية ومؤثرة في رثاء أخيه و رفيق دربه وشريكه في التأسيس الشيخ الشهيد : جمال أبو سمهدانة " أبو عطايا " توضح مدى العلاقة القوية التي كانت تجمع بينهما , وهي علاقة الإخاء في الله والشراكة في الدم وطريق ذات الشوكة , فقد كتب الشهيد أبو إبراهيم عن الشهيد أبو عطايا قائلاً :

" أبو عطايا لم يكن إسماً عادياً .. كان رمزاً للمجاهد المحبوب خفيف الظل ..الفارس الأسمر الذي يحمل فوق جبهته هم الأمة كلها .. كان عنواناً للقاء والوفاق وترى ذلك مجسداً في إصراره على العمليات المشتركة بينه وبين الفصائل.
وترى ذلك واضحا بتدخله المحمود لحل الكثير من الخلافات والنزاعات التنظيمية والعائلية.

أبو عطايا عاش زاهداً بسيطاً  ورعاً .. كان صواماً قواماً وكان يحفظ القرآن .. كان يحب المكوث في بيوت الله ويحب البقاء في الخلوات تحت الشجر. عاش لدينه ولأمته فأحبته الأمة كلها. "

 

منصب الأمين العام:

لم يكن أبو إبراهيم يوماً حريصاً على الزعامة فبعد إغتيال الشهيد "أبو عطايا" الأمين العام للجان المقاومة دفع مع إخوانه الشهيد القائد: كمال النيرب "أبو عوض"  ليخلف "أبو عطايا" .. ليجد أن إخوانه يحملونه هذه المسئولية بعد إغتيال الشهيد القائد: أبو عوض النيرب ومعه ثلة من القادة الأبرار يوم الخميس  الموافق 18/ 8 /2011م، في نهار رمضان وقبيل الإفطار , ليكمل ما بدءوه وما عاهدوا الله عليه وأخذ على عاتقه حمل الأمانة عبر مواصلة المقاومة ودرب الجهاد والإستشهاد .

 

وفور توليه منصب الأمين العام وجه أبو إبراهيم رسالة إلى المجاهدين من أبناء لجان المقاومة وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين يحثهم فيها على الصدق في العمل و الإخلاص لله وحده في العبادة و حسن المعاملة والخلق والسمع والطاعة للأمير ما لم تؤمر بمعصية والصبر على المشقة والعنت والظلم والإقتداء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

وكان نص الرسالة كالتالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الأمين العام الشيخ زهير القيسي " أبو إبراهيم "

إلى أبناء لجان المقاومة وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين

الحمد لله فاطر السماوات والأرض وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد :

فإن الله تعالى يقول : " إعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ , َّما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ " .

إن من أعظم نعم الله علينا أن هدانا للإسلام ولقد من الله عز وجل علينا بمزيد من نعمه فجعلنا من أهل الرباط في بيت المقدس وهي نعمة تستوجب منا الشكر لله تعالى وحده وأول علامات الشكر هو أن نجتهد في أداء النعمة على وجهها الصحيح فنلتزم الإسلام على منهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولنجاهد في سبيله مخلصين فإن فعلنا ذلك فإن الله تعالى قد وعدنا بالمزيد فقال {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ } وقال { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } .

ومن أمارات الصدق : الإخلاص لله وحده في العبادة ، فعندما تصطف الأقدام مثلا للصلاة فإعلم أنك تقف بين يدي جبار السماوات والأرض تكلمه ويسمعك , فهل إستحضر قلبك عظمة من تصلي له ؟ إن فعلت ذلك فأنت من الصادقين وإلا فراجع نفسك .

ومن أمارات الصدق : حسن المعاملة والخلق , فالمؤمن الصادق لا يكذب , ولا يفجر ولا ينكث عهدا ولا يغتاب ولا يسرق ولا يزني , والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

ومن ملامح الصدق الوفاء بالعهد , والسمع والطاعة للأمير ما لم تؤمر بمعصية , قال صلى الله عليه وسلم : " من عصى أميري فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله " أنظر إلى عظم الذنب الذي قد تحسبه أنت هينا وهو عند الله عظيم .

أيها المجاهدون المؤمنون يا أبناء لجان المقاومة وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين : إعلموا أنكم بإنتمائكم لهذا المشروع الإسلامي العظيم , قد إخترتم مسلكا وعرا وطريقا مليئا بالأشواك , فقد حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره , كما أخبرنا بذلك الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .

وقد سبقكم في هذا الطريق رجال نحسبهم قد صدقوا ما عاهدوا الله عليه , نسأل الله لهم القبول والدرجات العلى ولجميع شهداء المسلمين وأمواتهم .

وإن منهجنا واضح كالشمس , ورايتنا تلوح عزيزة خفاقة بعز الإسلام وكرامة الجهاد في سبيل الله وحده , إنه منهج أهل السنة والجماعة , منهج الفرقة الناجية التي نسأل الله أن نكون جميعاً منها , منهج " ما أنا عليه وأصحابي " إيمانا وقولا وعملا .

وفي هذا الطريق تذوب العصبيات وتذوب الأهواء , فلا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى , وفي هذا الطريق الناس سواسية كأسنان المشط ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه .

وفي هذا الطريق أنتم رحمة للعالمين , فقلوبكم يجب أن تكون مليئة وفواحة بالرحمة والشفقة والحب , لكل من حولكم من المسلمين حتى لو خالفوكم الرأي .

وفي هذا الطريق ستلقون المشقة والعنت والظلم , وقدوتكم في ذلك محمد صلى الله عليه وسلم الذي أصابه ما أصابه في سبيل الله , وقدوتكم من بعده في أئمة الصحابة الذين سالت دماؤهم في المحراب , ثم قدوتكم من بعدهم في التابعين أمثال الإمام أحمد وبن تيمية .. فالصبر الصبر .. والثبات الثبات .. والعاقبة للمتقين

وفي هذا الطريق سيلزمكم سداد الدين لله عز وجل , الذي إشترى منكم أنفسكم , وإلا فالعذاب الأليم وسيستبدل الله قوما غيركم ولن تضروه شيئا .

وإني قد وليت عليكم على غير رغبة مني , ولكن هي الأمانة وجدت نفسي أتقلدها مرغما , بعد إستشهاد أحبابنا الكرام أبو عوض وأبو عبد الرحمن وأبو غسان وأبو جميل وأبو فراس , والله أسأل أن يعينني على حملها وما توفيقي إلا بالله .

فأطيعوني ما أطعت الله فيكم , فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم , وإني قد بدأت مستعينا بالله وحده بترتيب صفوفنا بالتشاور مع إخواني في القيادة المركزية وفي اللجنة التنظيمية و المجلس العسكري , ولله الحمد فقد بدأت ألويتنا المظفرة بإستعادة عافيتها , وإعلموا أن لا نجاح لأحد إلا بتوفيق الله , ثم بإخلاصكم ودعائكم وتفانيكم في العمل طاعة لله وحده .

وقد أثلج صدري هذا التجاوب الرائع من أبناء المقاومة جميعا قيادة وأفرادا , فكلنا بإذن الله إخوة متحابين , وهذه الأمانة الثقيلة لا يحملها إلا القلوب المؤمنة المتألقة , والسواعد المتوحدة المتمسكة بحبل الله المتين {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ } فإستعينوا بالله وأثبتوا , وإستعينوا بالصبر إن الله مع الصابرين . وإعلموا أن الله قد أمرنا أن نكون مع الصادقين فقال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ" وأنه قد وعدنا سبحانه بالنصر والتمكين إن نحن نصرناه – وهو الغني سبحانه – فقال : "َ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "

وقد منحنا الله مشايخ كرام هبوا معنا منذ بداية الطريق , وإستعدوا لإسنادنا بالدعاء والرأي والمشورة والعون , بل وبأرواحهم إن لزم الأمر فأبشروا ..

وإن المحبة الغامرة التي لمسناها بعد مصابنا الأليم , من إخواننا في فصائل الجهاد والمقاومة , جميعا وفي مقدمتهم كتائب القسام وسرايا القدس وأتقياء أخفياء لم نرهم , لهي ثمرة الصدق والمحبة التي حملناها للجميع , فإستمروا بنهج المحبة والصدق مع الجميع ، فالمخلصون كثيرون وقد جمعنا وإياهم طريق الجهاد , وقد إختلطت دماؤنا الزكية في كثير من العمليات المباركة .

وإعلموا أن التقرب لله يكون بإلتزام الفريضة أولاً , فأقيموا الصلاة بينكم وأقيموا باقي الفروض من زكاة وصلاة وصيام بعد الشهادة الخالصة , فذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون , وأوصيكم ونفسي بتقوى الله والوحدة على كلمة الإخلاص , وعلى إجماع أهل العلم والثقة وأحذركم ونفسي من الإختلاف والفرقة , وإعجاب كل ذي رأي برأيه فإنه منفذ للشيطان وطريق للخسارة والهلاك .

وإعلموا أن الخسارة الكبرى هي خسارة الآخرة , وأن الفوز الأعظم هو فوز الآخرة , فجدوا في طلب الآخرة ولا تلهكم الدنيا , وإعلموا أن أعمالنا التي قد نراها كبيرة إذا لم تقبل عند الله هلكنا وخسرنا , فهذا إبراهيم عليه السلام يبني أعظم بيت في الأرض ويتذلل لربه " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" وهؤلاء ولدي آدم إذ قربا قربانا لربهما " وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " فزينوا أعمالكم بالخشوع والإخبات , والتقوى لله وحده وإستغفروه , في وقت السحر لعله يتقبل منا سبحانه فنفوز.

أبنائي وأحبابي .. أنتم وأمثالكم أمل الأمة .. وإن عليكم مهمات جسام عظام فإستعدوا وشدوا أيديكم على بنادقكم فشرف الأمة في جهادها وفي تلك الدماء التي تسيل طاهرة على عتبة إسترجاع مجد الإسلام وكرامة المسلمين .

سنمضي على طريق الشوكة معاً .. طريق الأنبياء والمرسلين .. طريق المجاهدين الصالحين .. حتى يمكن الله لنا ديننا ونحرر أرضنا ونحرر أسرانا أو نموت في سبيل ذلك هذا عهدنا مع الله . " رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً " َقالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" .

 

 

الشيخ / زهير القيسي ( أبو إبراهيم )

الأمين العام للجان المقاومة

وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين

الجمعة 11 شوال 1432هـ الموافق 9-9-2011م

 

مقتطفة ورسالة:

مقتطفة ورسالة وجدت بين أجندات ومذكرات الشهيد القائد "أبو إبراهيم"، فلم تكن هذه الرسالة للشهيد القائد وحدها موجهة لأبناء لجان المقاومة .. بل كان أيضاً بين مذكراته اليومية، يوجه الرسائل والنصائح لمجاهدي لجان المقاومة وذراعها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين فوجدت هذه الرسالة التي كتبها الشهيد القائد: زهير القيسي بخط يده قبل إستشهاده بأيام لتكن بمثابة وصية لمجاهدي اللجان والألوية، وجاء نص الرسالة على النحو التالي:

" وعلينا في لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري ألوية الناصر صلاح الدين أن نبدأ بأنفسنا تربية إيمانية وأن نجسد علاقة الأخوة مع كل المسلمين وأن نعزز نهج الوحدة الذي طالما إجتهدنا فيه . . .

المطلوب منا أن نبقي أعيننا مفتوحة على فلسطين أرض الإسلام والمسلمين، وأن نبذل جهدنا لتبقى الشوكة في حلق العدو الغاصب تجسيداً لقول رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ).

هذا هو منهحنا .. وهذه هي طريقنا .. فليأخذ كل منكم بزمام المبادرة

اللهم قد بلغنا . . .  اللهم فإشهد

رسالته الأخيرة :

لم يكن أبو إبراهيم يحمل هم قضية وطنية فقط , بل كان يحمل هم أمة بأكملها, وهو ما دلت عليه رسالته الأخيرة "للمجاهدين خاصة ولعموم الأمة الإسلامية".

وعنوان الرسالة التي نشرت بتاريخ 3 مارس 2012م أي قبل أيام من إستشهاده : "الحقيقة التي يجب أن تقر في القلوب أن الإسلام هو الحل.. والإسلام دين لا يقوم إلا بالجهاد في سبيل الله"

وجاء نص الرسالة الأخيرة كالتالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " صدق الله العظيم

رسالة الأمين العام للجان المقاومة الشيخ زهير القيسي للمجاهدين خاصة ولعموم الأمة الإسلامية :

الشيخ " أبو إبراهيم " :  الحقيقة التي يجب أن تقر في القلوب هي .. أن الإسلام هو الحل  .. والإسلام دين لا يقوم إلا بالجهاد في سبيل الله.

إن المتأمل لواقع الأمة يجد عجبا ,فإذا أمعن في التأمل وقرأ التاريخ من خلال دراسة المقدمات والنتائج فقد يزول العجب , فحركة الأمم عبر التاريخ تسير وفق ناموس رباني خطه الله عز وجل في آية محكمة معجزة : " إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "  .

فلا عجب إذا .. ونحن نتأمل النموذج المثالي لتكوين الأمة الشاهدة على الأمم ففي سنوات معدودة وعدد قليل من المؤسسين الأوائل وإمكانيات تكاد تكون هي العدم إستطاع المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم أن يقيم أعظم جماعة وأعظم أمة ضاربا أعظم مثل لنموذج فريد في الصلاح والعدل , نموذج كامل الملامح والصفات ولم يترك عذرا لبشر من بعده أن يضيع في التيه والضلال , قال الله سبحانه وتعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا" وقال " َّما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" وعن النبي صلى الله عليه وسلم " لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك " فهي واضحة لكل مستبصر متبع يراها في ليل الفتن كما يراها في نهار اليقين.

وفي واقع أمتنا اليوم حالة من التخبط المخطط له منذ أكثر من قرن من الزمان .. دول ممزقة مسلوبة الإرادة والكرامة وحكام أصبح بعضهم أداة لتنفيذ مخططات العدو وحركات متفرقة ضعيفة الأداء .. إلى أن طفح الكيل وبدأت الشعوب العربية المقهورة في الثورة ضد حكم الطغاة .. وهذه الثورات لا يمكن أن تنتج تغييرا حقيقيا يؤدي إلى إقامة أمة عزيزة منتصرة ما لم تبادر الحركات الإسلامية الرائدة والعلماء بإضاءة الطريق أمام الناس ليحدث التغيير الحقيقي في الشعوب والذي يؤدي بالتالي لنتيجة النصر والتمكين والعزة . والمطلوب من هذه الحركات ومن العلماء أن يبلغوا ويوضحوا للناس بأحسن السبل " قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" ثم أن تكون هذه الحركات والعلماء قدوة للناس في السلوك والتضحية " وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا إسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" .

إن الأعداء يدركون تماما هذا السر فهم منذ عشرات السنين يحاولون فصل الأمة عن أسرار قوتها . فهذا الحاخام مردخاي إلياهو : " لنا أعداء كثيرون وهناك من يتربص بنا وينتظر الفرصة للإنقضاض علينا , وهؤلاء بإمكاننا عبر الإجراءات العسكرية أن نواجههم ولكن ما لا نستطيع مواجهته هو ذلك الكتاب الذي يسمونه القرآن، هذا عدونا الأوحد الذي لا تستطيع وسائلنا العسكرية مواجهته.. وتساءل مردخاي قائلا: كيف يمكن أن يكون هناك سلام في الوقت الذي يقدس فيه المسلمون والعرب كتابا يتحدث عنا بكل هذه السلبية .. على قادة الدولة عندنا أن يبلغوا قادة العرب أن يختاروا بين السلام معنا أو القرآن" .

 ورغم الهيمنة والتفوق الغربي على الأمة الإسلامية في القرن الماضي , فقد حاول المسلمون أن يستعيدوا زمام الأمور , ولكن للأسف من خلال البرنامج الغربي المتاح " الديمقراطية " فكانت النتيجة الصارخة , أن النظام الديمقراطي لم يكن إلا أداة غربية شديدة الكذب شديدة الخداع , لحرف الأمة عن السبيل القويم , وعن الأدوات الحقيقية والمقدمات الربانية للوصول للنصر والتمكين .

النماذج القريبة التي خاض فيها المسلمون تجربة الديمقراطية وفازوا بها كشفت زيف الحضارة الغربية فسرعان ما تحركت الجيوش وحركت أدواتها الغاشمة لمنع المسلمين من قطف ثمرة الفوز وتجربة الجزائر ماثلة أمام العيان . فالملعب لا يتسع إلا للاعب واحد فقط وعلى الآخر أن يلعب دور الخصم المهزوم إلى الأبد وإلا فاللعبة ستنقلب لمعركة حقيقية أعد لها الغرب قوته كاملة ونحن لم نعد لها سوى حسن الظن بالنظام الغربي والمنظمات الدولية ومجلس الأمن والله سبحانه يقول " وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ " .

إن دوامة " الديمقراطية الغربية " التي تدور في بعض الدول العربية تحرك الناس بطريقة تجعلهم  يعيشون في دوار دائم يدفعهم لإتباع أساليب وممارسات بعيدة كل البعد عن المقدمات الربانية للنصر .

إن فرصة العمر للإنسان واحدة بل هي كذلك للتنظيم والجماعة فلا يجوز للإنسان أن يغامر بعمره ولا للتنظيم أو الجماعة كذلك في تجربة غير مضمونة النتائج بل إننا نكاد نجزم بالنتيجة من خلال المقياس الرباني في القرآن الكريم حيث قال عز وجل " َمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى{123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" .

يجب أن نكون على يقين أن الإسلام لا ينتصر إلا إذا تحركت الآيات في الصدور ليصبح القرآن واقعا نعيشه .
وإذا كانت الوسيلة المتاحة الآن هي الانتخابات فعلينا أن نوقن أن الوصول للحكم عبر المنظومة السياسية الدولية ووفقا للقواعد الديمقراطية الغربية لا يمكن أن يعتبر نصرا ولن يكون كذلك أبدا .

يجب أن نحسن إستخدام الوسائل المتاحة دون أن نغفل عن الأسباب الحقيقية التي يرضاها الله لنا والتي ضرب لنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مثلا تطبيقيا واضحا " وأن هذا صراطي مستقيما فإتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " فإذا خدعت حركة ما نفسها وإدعت أنها تستطيع الوصول لنتيجة النصر والتمكين دون المرور بمقدمات التغيير فإن عمر الحركة سينتهي وستكون العاقبة وخيمة والحساب عسير .

إن الأمة الإسلامية بل إن العالم أجمع يمر بلحظة يجب فيها قول الحقيقة وعلى الجميع أن يسمع : " هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة " إن الإسلام هو الحل . يجب أن تستلهم الأنفس لهذه الحقيقة .

والحقيقة الأخرى التي لا تنفصل عنها أن الإسلام لا يقوم إلا بالجهاد في سبيل الله بكافة مراحل الجهاد إبتداءً بجهاد تَحمُل الأذى والصبر على المعاناة وهذه المرحلة قطعنا فيها شوطا طويلا فكان الآلاف من الدعاة الشهداء من أبناء الحركات الإسلامية وقضى الآلاف من الشباب زهرات شبابهم في سجون الطغاة لا لذنب إلا لأنهم قالوا ربنا الله .

ثم مرحلة الإذن بالقتال لرد الظلم "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ"  ثم مرحلة جهاد الدفع وهو واجب ومتعين إذا وقع الهجوم من الأعداء على أي بلد من بلاد المسلمين ثم مرحلة جهاد الطلب لتكون كلمة الله هي العليا ولكل مرحلة تفاصيل ومقدمات .

إذا غاب هذا التصور فإننا سننتظر طويلا حتى يتحقق النصر وحتى تنجلي الفتنة . ولقد من الله على المجاهدين في فلسطين أن فهموا طبيعة الصراع وأصبح لديهم يقينا بأن الجهاد ضد المحتل اليهودي الغاصب هو الطريق للنجاة من المسئولية أمام الله وهو السبيل الوحيد لإستعادة الأرض وتحرير المقدسات . ورغم الحصار الشديد الذي يعاني منه أهل فلسطين في الضفة أو في غزة ورغم شدة التآمر فإن صوت المجاهدين لازال هو الصوت الأول . وإن كلمة الفصل الأخيرة لن تكون إلا للمجاهدين .

لذلك فإن على كل من يتقدم الناس بمشروع يهدف لتغيير الواقع الذي تعيشه الأمة أن يدرك أن هذا هو الطريق وأن عليه أن يصدق شعبه " فالرائد لا يكذب أهله " .. إنه طريق ذات الشوكة الطريق الوحيد للنجاة من الفتن وهو الطريق الوحيد للنصر والتمكين وهو الطريق الوحيد لتحقيق الغاية من الوجود وهي إقامة هذا الدين الذي هو دين الحق والعدل والخير .

" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ{10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{11}" .

 

الأمين العام للجان المقاومة

الشيخ زهير القيسي " أبو إبراهيم "

السبت - 3 مارس 2012 م ، 10 ربيع الثاني 1433 هـ

 

يوم الشهادة:

في ميادين العزةِ والكرامة والإباء يمضي حراس العقيدة حاملين أرواحهم على أكفهم وأنفسهم مشتاقة للحاق بركب الأطهار والمخلصين حيث جنان الخلد والنعيم .

في مساء الجمعة الموافق 9/3/2012 كانت غزة وفلسطين والأمة الإسلامية على موعد مع خبر مفجع وحزين بإرتقاء أحد جنرالات الجهاد والمقاومة وأحد حملة هم الإسلام والمسلمين حيث قام العدو الصهيوني الجبان وكعادته الغادرة بإغتيال الشيخ زهير القيسي " أبو إبراهيم " الأمين العام للجان المقاومة ومعه القيادي الأسير المحرر بصفقة وفاء الأحرار والمبعد إلى غزة محمود حنني "أبو أحمد" , بصاروخ من طائرة حربية إستطلاعية أثناء مرورهم بسيارتهم في منطقة " تل الإسلام " بمدينة غزة .

هؤلاء هم شهدائنا وقادتنا , عاشوا مجاهدين وقضوا إلى ربهم مجاهدين , ما عرفناهم إلا وهم في ساحات الجهاد , وما سمعنا عنهم إلا كل خير , والذين نسأل الله أن يكونوا ممن قال فيهم الله :"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" ونسأل الله لهم القبول والمغفرة والرفقة مع النبي قائد المجاهدين  صلى الله عليه وسلم  .