ألوية الناصر صلاح الدين

خاص - خذو حذركم

لا يختلف اثنان بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تعدى فكرة نشر الأخبار الاجتماعية وتبادل الصور العائلية، إلى أبعد من ذلك بكثير. فقد أصبحت بعض التطبيقات التي تُصنف على أنها وسائل تواصل اجتماعي، هي وسيلة الاتصال الأساسية للشركات والمؤسسات عوضاً عن الأفراد العاديين.

ولعل مكالمة الفيديو الشهيرة التي قام بها الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" لتحريض الجماهير على التصدي لمحاولة الانقلاب العسكري مساء الجمعة 15 يوليو 2016، والتي استخدم فيها تطبيق "فيس تايم” من جهازه الشخصي "آيفون"؛ قد لفتت الأنظار إلى قدرة هذه التطبيقات على تجاوز حدود شركات الاتصال الخلوية.

لا زال الحديث عن الخصوصية متجدداً والتساؤلات مستمرة، عن قدرة هذه التطبيقات على توفير حماية كاملة لخصوصية المستخدمين. ولعل قرار المحكمة البرازيلية للمرة الثالثة -في يوليو الجاري- بحجب خدمة "واتس أب” في كامل البلاد بعد رفض شركة "فيسبوك" -المالكة للتطبيق- تقديم نسخ من محادثات خاصة بأفراد، تطلّبتها تحقيقات جنائية، يجدد الحاجة لمراجعة ما قدمته الشركة من ضمانات التشفير والخصوصية. وقد كانت المحكمة البرازيلية فرضت غرامة مالية تزيد على 15 ألف دولار أمريكياً يومياً على كل شركة اتصالات لا تلتزم بقرار المحكمة بحجب الخدمة.

معلوم أن واتس أب قد أعلنت في مطلع إبريل 2016 عن تفعيل نظام التشفير الكامل بين المرسل والمستقبل، وبحسب الشركة فإن أحداً لا يمكنه الاطلاع على المحادثات بين الطرفين، بما في ذلك شركة واتس أب نفسها، عوضاً عن شركات الاتصالات في الدول التي تقدم الخدمة! حيث أعلنت بشكل صريح عبر موقعها الرسمي أن "التشفير التام يعني أن الرسائل مشفرة بين الطرفين ولا يمكن لأي طرف ثالث بما في ذلك واتساب قراءتها على أي حال”

وهذا الموضوع يذكرنا بالنزاع القضائي الأمني بين مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI وشركة "أبل" مالكة جهاز "آيفون" iPhone التي أصرت أنها لا تستطيع الوصول لبيانات المستخدمين، وأنها محمية 100%، غير أن FBIقد استعانت بقراصنة معلومات لفك شيفرة هاتف آيفون الذي استخدمه أحد منفذي اعتداء "سان برناردينو" بولاية كاليفورنيا الأمريكية في ديسمبر 2015، وقد دفعت لهم مبلغاً كبيراً من المال تجاوز مليون دولاراً أمريكياً.

وبحسب وكالات عالمية فإن تطبيق "تليغرام" يستخدمه تنظيم الدولة الإسلامية لتبادل المعلومات، لكونه يتمتع بميزة التشفير التام التي تتوفر لدى واتس أب. وقد أظهرت التحقيقات التي نشرتها الحكومة التركية بأن واتس أب هو التطبيق الذي استخدمه انقلابيوا 15 يوليو 2016 لإنشاء مجموعات تبادل المعلومات بين أركان الانقلاب العسكري الفاشل، حيث تم إرسال التعليمات ونقل المعلومات بشكل متواصل بين قيادة الإنقلاب ومجموعات التنفيذ المختلفة.

بالرغم من أن التشفير الذي تقدمه واتس أب يمنح المستخدمين تشفيراً تاماً، إلاّ أنه لا يمنحهم حماية كاملة، فبحسب الشركة "يجب أن تبقى رسائلك في حوزتك، لذا فإن واتس أب لا يحفظ رسائلك على خوادمنا ما أن يتم تسليمها إلى الطرف الآخر" وهذا يعني أن اختراق جهاز المستخدم مباشرة سواء بأساليب تقنية أو باستخدام الهندسة الاجتماعية، والحصول على رسائلك ليس مسؤولية واتس أب بالتأكيد.